21 فبراير 2024 تعليم
تكلفة الفرصة البديلة
هل فكرت يومًا في تكلفة خروجك مع أصحابك؟ أو فكرت في تكلفة دراستك الجامعية؟
هل فكرت يومًا في تكلفة خروجك مع أصحابك؟ أو فكرت في تكلفة دراستك الجامعية؟ أو تكلفة بدء مشروعك الخاص؟ قد تُغفل تكلفة الفرصة البديلة من حساباتك، وتقوم بتقديرها بالتكلفة النقدية، إلا أن هذه التكلفة غير دقيقة اقتصاديًا، فهناك تكاليف ضمنية غير محسوسة ينطوي عليها كل خيار من الخيارات السابقة.
مفهوم تكلفة الفرصة البديلة.
تحتم علينا محدودية الموارد أن نكون دائماً ضمن عملية اختيار لفرصة واحدة من بين عدة فرص، فدائمًا سيكون أمامنا عدة خيارات، إلا أننا لا يمكننا إلا انتقاء خيار واحد للقيام به، لأننا نعيش في محدودية من الوقت والمال ولا يمكننا أن نكون في مكانين في ذات الوقت.
كل فرصة نختارها ندفع لها تكلفتين، الأولى هي ما ندفعه من نقود أو وقت، والثانية تتمثل في منفعة الفرصة التي تخلينا عنها، تكلفة السفر بهدف السياحة مرتين سنويًا، هي ما فواتناه من عوائد استثمار لو قمنا باستثماره، وتكلفة الخروج مع الأصحاب هي التضحية بوقت الراحة، وتكلفة قضاء وقت مع العائلة يقابلها تفويت أجر العمل لساعات إضافية.
هناك شيئًا تربحه وشيئًا تخسره في كل خيار تختاره!
بعد فهمنا لمفهوم تكلفة الفرصة البديلة يمكننا تعريفه بأنه العوائد أو المنافع التي خسرناها من أفضل خيار متروك. فلو تخيلنا أننا نرتب منفعة الخيارات المتاحة لنا من المنفعة الأكبر إلى المنفعة الأقل، فإن تكلفة الفرصة البديلة هي المنافع المتحققة من الخيار الثاني. فلو أن لديك عشرة ريال ستفضل شراء القهوة بها، فإن لم يوجد ستشتري الحلوى، شراء الحلوى يمثل ثاني خيار وهو تكلفة الفرصة البديلة لشراء القهوة.
أهمية فهم تكلفة الفرصة البديلة.
قد تعتقد عزيزي القارئ بأن مفهوم تكلفة الفرصة البديلة مفهوم اقتصادي بحت، إلا أن هذا المفهوم يطبق في جميع مناحي الحياة، وأن فهمه بشكل صحيح يساعدنا في تحسين جودة القرارات التي نتخذها، وبالتالي تحسين جودة الحياة ككل.
عند اطلاعنا على التكاليف والمنافع المحتملة لكل خيار، فإن ذلك يساعدنا في اختيار أفضل الفرص المتاحة والاستعداد للعواقب محتملة.
عندما تبدأ في التنقل بين تويتر واليوتيوب وسناب شات اسأل نفسك هل هذا أفضل خيار متاح لوقت فراغك؟ قبل البدء في الدراسات العليا اسأل نفسك هل هذا الخيار يحقق أفضل عوائد للمال والجهد؟ وقبل الاستقالة من العمل لبدء مشروعك الخاص اسأل نفسك هل سيحقق عوائد تفوق الوظيفة؟
كل قرار تتخذه يمثل عملية مقايضة مع الخيارات الاخرى، هذا الأمر يحتم أخذ الوقت الكافي للبحث والتفكير. ولابد أن نؤكد أن تقدير تكلفة الفرصة البديلة أمر نسبي يختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر، فلا يوجد طريقة حسابية دقيقة لتقديرها. كما أنه ينطوي على المنافع النفسية لا يمكن حسابها نقديًا مثل الأمان والاستقرار.
الحاضر هو انعكاس قراراتك في الماضي، والمستقبل هو تحسين قرارات الحاضر!
تكلفة الفرصة البديلة والقيمة المستقبلية للنقود.
معظم عمليات اتخاذ القرار تميل إلى تفضيل الاستهلاك الفوري، إلا أن إدراكنا للفرص التي سنتخلى عنها يحفزنا لمقارنة الأسعار والعوائد والمزايا المتاحة بين الخيارات المتعددة، على المدى القصير والطويل.
تكلفة دراسة الماجستير لا تقدر فقط بالتكاليف النقدية التي تم دفعها للجامعة، فغالبًا ستعطي أولوية وقتك للدراسة لذلك ستفوت أجور الساعات التي كان من الممكن العمل بها بدلًا من الدراسة، بالإضافة لتفويت الخبرة العملية التي ستكون عامل أساسي في تحديد أجرك في المستقبل.
لمعرفة تكلفة الفرصة البديلة لدراسة الماجستير تخيل معي سيناريوهين:
- السيناريو الأول أنك اجتهدت في عملك، وطورت بعض المهارات وأخذت بعض الدورات.
- السيناريو الثاني أنك اتممت دراسة الماجستير بتفرغ كامل أو جزئي.
بعد ثلاث سنوات قارن ما بين أجرك في السيناريو الأول والثاني، فإذا كان أجرك بعد الماجستير أعلى من العمل سيكون خيار الدراسة هو أفضل خيار بالفعل.
مثل آخر ابسط، تخيل معي لديك عقار تجاري فارغ، ستكون أمام خيارين إما أن تقوم بتأجيره مقابل 40 ألف ريال سنويًا، أو أن تقوم ببدء نشاط تجاري فيه، وهنا ستظن أنه ليس لديك تكلفة عقار لأنك مالك العقار، لكن في حساب تكلفة الفرصة البديلة يرون أنه لديك تكلفة عقار وهي ما يمكن الحصول عليه في حال أجرت العقار، ففي حال كان الدخل المتحقق من بدء نشاط تجاري داخل العقار أقل من 40 ألف ريال سنويًا في أسوأ الحالات فلن يكون بدء نشاط تجاري هو الخيار الأفضل.
وهذه المفاضلة تنطبق كذلك على شراء منزل العمر أو شراء المنزل المناسب للمرحلة أو حتى استئجاره، هل المنافع المتحققة من شراء منزل العمر أكبر وتستحق تجميد ثمن العقار؟ أم أن استثمار العقار سيولد عوائد أعلى في المدى الطويل؟.
"التكلفة الحقيقية لأي عملية شراء ليست التكلفة الفعلية بالدولار. بل إنها قيمة الاستثمار الذي لم تقم به ، لأنك استخدمت أموالك لشراء شيء آخر ".
وارن بافيت.
تكلفة الفرصة البديلة لمرة واحدة
على فرض أنك حصلت على دخل غير متوقع يبلغ 10,000 ريال، قد تنوي القيام برحلة مع العائلة بهذا المبلغ لأنه دخل غير متوقع ولم تتكبد أي تكاليف للحصول عليه. لكن في حال قمت باستثماره في محفظة متنوعة متوازنة بمعدل ربح (10%) سنوياً فإنه سيكون بعد عشر سنوات (26,000) ريال تقريبا، وفي حال انتظرت خمس سنوات إضافية سيبلغ (41,780) ريال، مع القيام بضم الأرباح إلى أصل المبلغ. ففي هذه الحالة تكون تكلفة الفرصة البديلة للسفر مع العائلة هو عائد الاستثمار الذي لم تحصله.
تكلفة الفرصة البديلة لمدخرات صغيرة منتظمة بمرور الوقت
قد تعتقد أن شراء كوب قهوة بعشرة ريال يرتبط في إن كنت تريد القهوة أم لا، إلا أن تكلفة الفرصة البديلة تجعلنا نتسائل: هل يستحق هذه القيمة؟ ما الذي سأتخلى الآن عنه مقابل كوب القهوة؟ ما الذي سأتخلى عنه في المستقبل للحصول عليه الآن؟.
تكلفة الفرصة البديلة لشراء كوب قهوة بعشرة ريال ثلاث مرات في الأسبوع تساوي في الشهر 120 ريال شهريا لمدة سنه تساوي 1,440 ريال، وتكلفة القهوة اليومية لمدة 10 سنوات 14,400 ريال ، بالإضافة للعوائد التي كان من الممكن أن تتحقق في حال استثمار هذه الأموال.
ولو تم استثمار تكلفة القهوة ثلاث مرات اسبوعيًا لمدة عام بمبلغ إجمالي 1,440 ريال سعودي بشكل منتظم في محفظة استثمارية سينمو المبلغ ليصبح خلال 10 سنوات 3,735 ريال، ليصل بعد خمسة عشر سنة إلى 6,015 ريال.
لا تستهين بالفرصة البديلة للمصاريف اليومية البسيطة، لأنها مع تراكمها عبر الزمن ستحدث أثر كبير يفوق توقعاتك.
في الختام عزيزي القارئ تذكر أن كل قرار تأخذه يتضمن تكلفة غير ظاهرة، يمكن أن يؤثر أخذها بعين الاعتبار في تحسين جودة قراراتك الحياتية والاستثمارية.