20 فبراير 2024 تعليم
كيف أصبح غنيًا دون أن أكون محظوظًا؟
خلال مسيرة تعليمنا الاكاديمي نكسب المعرفة حول علوم مختلفة، إلا أننا لم نتعلم كيف نصبح أغنياء
خلال مسيرة تعليمنا الاكاديمي نكسب المعرفة حول علوم مختلفة، إلا أننا لم نتعلم كيف نصبح أغنياء، لم نتعلم كيف نتعامل مع المال، يخبروننا بأن نجتهد للحصول على وظيفة بمرتب مرتفع ومكانة اجتماعية، لكنهم لا يعلموننا كيف نجعل المال ينمو بنفسه، بل ارتبطت معلوماتنا عن المال بالمحاسبة والشركات والأرقام والمعادلات الصعبة.
لكن هل تعتقد أنه يمكنك الوصول للغنى وأنت فكرتك عن المال خاطئة؟ أو أنك تعتقد أن الاغنياء وصلوا للغنى بأسباب خارجة عن إرادتهم أو أنهم محظوظين؟ هل سألت نفسك بصدق كيف أصبحوا أغنياء؟.
الوصول لمرحلة الغني يمثل نتيجة لرحلة من التعامل الإيجابي مع المال، دون التعذر بالحظ أو الظروف الخارجية، لأن ما تعتقده في رأسك ستشاهده أمام عينيك، في هذا المقال سنعرض سلوكيات ومعتقدات مالية لابد أن تأخذها بعين الاعتبار في حال قررت أن تكون غنيًا.
الفرق بين الأصول والخصوم:
القاعدة الأولى والأساسية في رحلة الوصول للغنى أن تتعلم الفرق بين الأصول والخصوم، الكثير من الناس يتعثرون في حياتهم المالية نتيجة عدم فهمهم للفرق بينهما.
الأصول ببساطة الشيء الذي ينتج عنه دخول المال إلى جيبك، هناك العديد من الأشياء التي يمكن اعتبارها أصولًا مثل الاستثمار العقاري، شراء أسهم في الشركات، والاستثمار في محفظة استثمارية متوازنة، والأعمال التجارية، وتأليف الكتب وإعطاء الدورات أونلاين، أو حتى المحتوى المرئي أو المسموع أو المقروء على الانترنت.
جميع هذه الأمثلة ينتج عنها تيار من الدخل يعود على مالكها. قد تحتاج هذه الأمثلة لبذل الوقت والجهد أو المال أو كليهما في فترة من الفترات، إلا أنه بعد ذلك ستستمر في العمل دون تدخل أو مع متابعة بسيطة.
أما الخصوم فهو الشيء الذي يأخذ من جيبك المال، مثل الإنفاق على السيارات، والإجازات، وشراء الملابس والأجهزة الإلكترونية، وتناول الطعام خارج المنزل، جميع هذه الأمثلة ينتج عنها انخفاض في مقدار المال الذي تمتلكه نتيجةً لعمليات الدفع المتكررة.
الإنفاق على الخصوم بشكل غير مضبوط سيبعدك كل يوم عن تحقيق الغنى، لو نظرت لميزانية شخص ولاحظت أنها مليئة بالخصوم في حين أن الأصول لديه تنحصر في مصدر أو مصدرين للدخل فتأكد أنه لا يسير في طريق الغنى، يمكنك عزيزي القارئ مراجعة بنود الإنفاق ومصادر الدخل لديك، كي تعرف إن كنت على طريق الغنى أم أنك تحتاج لتعديل سلوكك المالي. وتذكر أن ما يدخل المال إلى جيبك يعد أصولًا، وأن ما يخرج المال من جيبك يعد خصومًا.
وهنا لابد أن ننبه أننا لا ندعو إلى البخل أو التقشف الشديد، إلا أننا ندعو لتكون أكثر وعيًا خلال تعاملك مع المال، لأن قناعاتك اتجاه المال هي ما تشكل مستقبلك المالي.
الأغنياء يكتسبون الأصول، ويكتسب الفقراء والطبقة الوسطى الخصوم التي يعتقدون أنها أصول.
كتاب الأب الغني والأب الفقير.
تخيل أن الاقتراض لشراء سيارات ووسائل نقل شخصية عام 2021 بلغ 14,047 مليون ريال سعودي، وأن الاقتراض لشراء الأثاث والسلع معمرة لنفس العام بلغ 12,214 مليون ريال سعودي، وهذا خطأ مركب لأنه ليس فقط إنفاق على الخصوم بل اقتراض للإنفاق عليها.
تكلفة الفرصة البديلة:
نحن نعيش في عالم تحكمه الندرة النسبية أي أن المتاح لدينا من أي شيء له نهاية، فنحن نمتلك فقط 24 ساعة يوميًا، ونمتلك مقدار محدد من الموارد ومقدار محدد من المال.
سينعكس ذلك على سلوكنا بشكل مباشر، فالوقت إما أن تقوم بالدراسة فيه أو الخروج مع الأصدقاء لكن لا يمكن أن تقوم بكليهما في ذات الوقت، والوقت الذي تقضيه في العمل لا يمكنك استغلاله في تعلم البرمجة، والمال الذي تدفعه للجامعة لا يمكنك استخدامه للسفر، هذا يعني أنك لابد أن تختار خيار واحد فقط من بين الخيارات المتاحة وهذا ما نسميه بالندرة النسبية.
المفاضلة بين الخيارات المتاحة لنا يضعنا أمام مفهوم تكلفة الفرصة البديلة، فنحن عند القيام بعملية الإختيار بين خيارات متعددة أمامنا، فإننا نقوم بعملية موازنة بين الاستفادة من كل خيار أمامنا، فإذا قررنا ما نريد فإن ذلك يعني أننا نرى أن هذا الخيار أفضل المتاح لدينا.
فأي قرار لعملية شراء يتضمن عمليتي موازنة، الموازنة الأولى بين النقود والشيء المراد شراءه، والموازنة الثانية بين الاستفادة من الشيء الذي قمت بشراءه والاستفادة من شراء شيء آخر بالنقود.
على سبيل المثال شراءك لقطعة حلوى ثمنها عشرون ريال يعني أنك ترى أن الاستفادة من قطعة الحلوى أكبر من الاستفادة من العشرين ريال.
من ناحية أخرى فأنت ترى أن أفضل خيار متاح لاستغلال العشرون ريال هو شراء قطعة حلوى، لكن لو سألت نفسك ما الذي يمكن شراؤه بالعشرين ريال عدا الحلوى؟ على فرض أنه يمكنك شراء كوب قهوة فإن لم يوجد قهوة ستشتري تفاح.
هذا يعني أن تفضيلاتك لإنفاق عشرون ريال الأول الحلوى، والثاني القهوة، والثالث التفاح، من منطلق مفهوم تكلفة الفرصة البديلة فإن تكلفة شراء قطعة الحلوى يساوي العشرون ريال بالإضافة للاستفادة الممكنة من القهوة في حال اختيارها.
وبذلك فإن تكلفة أي عملية شراء تتضمن تكلفتين، التكلفة الأولى هي التكلفة النقدية والأخرى هي الاستفادة الممكنة من ثاني خيار لديك.
دائما سيكون هناك عدة خيارات لإنفاق المال، إلا أننا لا يمكننا استخدامه إلا في شيء واحد، إنفاقك المال على الاستهلاك يعني تفويت فرصة استثمار. ومن ناحية أخرى لابد أن ننتبه للاستفادة المتروكة في أفضل خيار متاح، فتكلفة شرائك سيارة جديدة ستكون ثمن السيارة بالإضافة إلى تفويت فرصة استثمار المال.
عند اتخاذك لأي قرار للإنفاق اسأل نفسك، هل هذا أفضل خيار متاح لتوظيف المال؟ ما الذي أخسره حين أنفق المال على هذا الخيار؟
الموازنة بين الخيارات المختلفة ستستمر معك على طول الطريق، إذا أردت أن تكون غنيًا لابد أن تطور مهاراتك المالية الشخصية، أن تتقن التمييز بين الأصول والخصوم، وأن تعرف التكلفة الحقيقية لخياراتك. وتذكر أن أسلوب تعاملك مع المال هو ما يحدد إن كنت ستكون غنيًا أم لا.