13 فبراير 2024 تعليم
لماذا أنا لست غنيًا
هل فكرت يومًا لماذا هم أثرياء؟، كيف يجمعون كل هذه الثروات؟
هل فكرت يومًا لماذا هم أثرياء؟، كيف يجمعون كل هذه الثروات؟، لماذا يزداد الأثرياء ثراءً؟، وهل الثراء حِكرًا عليهم؟، هل يمكن أن أصبح ثريًا؟، لابد أن هذه الأسئلة تدور في ذهنك على الدوام.
لكن تأكد عزيزي القارئ ليس هناك خطة سرية للثراء، فأنت الشخص الوحيد المسؤول عن مستوى الثراء الخاص بك، وعلى القدر الذي ترى فيه أن الغنى بعيدًا عنك تأكد أنه لا يفصل بينك وبينه إلا الطريقة التي تفكر بها وتتعامل بها مع بالمال.
طريقة التفكير تجاه المال هي ما يحدد حالتك المادية، فطريقة التفكير المالي هي ما يحدث الفرق بين الفقير والغني، وليس مقدار الأموال التي تملكها، فقد تجد شخص من أصحاب الدخل المرتفع لكنه يضطر إلى الاقتراض على الدوام، نرى بعض الأغنياء يعودون بعد سنين لحالة الفقر.
في حين أن الأغنياء يفهمون آلية عمل المال ويدركون أن المال يجلب المزيد من المال الذي يعمل لأجلهم، ويقدرون المنافع الحقيقية للأشياء.
وبذلك لابد أن نتفق عزيزي القارئ في تفكيرنا تجاه المال هي ما يحدد مصيرنا المالي، لذلك سنسعى لأن نطور مهاراتنا المالية لنكون أغنياء بما لدينا من الحكمة ما يحمينا من الرجوع للفقر، في هذا المقال سنعرض بعض القناعات التي تؤثر في حياتنا المالية والمفارقات ما بين تفكير الأغنياء وغيرهم:
منفعة النقود:
تخيل معي أنك في يوم من أيام الصيف الحار جدًا وترغب في شرب شيء بارد يهون عليك الحر، وكنت أمام خيارين، شرب كوب من البيبسي أو شرب كوب من عصير الفواكه، كلاهما بارد إلا أن المنفعة المتحققة لجسدك منهما تختلف كثيرًا.
هذا المثال ينطبق كذلك على النقود، فما تستفيده من الريال الذي تنفقه لشراء الخبز، يختلف عمّا تستفيده من ريال تنفقه لشراء قطعة من الكعكة مثلاً، والريالات التي تنفقها للسياحة لا تقارن بما نستفيده من الريالات التي ننفقها على التعليم، وهذا كذلك ينطبق على الاستثمار! فالمال التي تنفقه لشراء الكماليات تختلف في فوائدها المتحققة عما تستفيده من مال تستثمره.
اختلاف الاستفادة المتحققة من المال يطلق عليها مفهوم "منفعة النقود"، فالأوراق النقدية متساوية من حيث الشكل والقيمة إلا أنّ الاستفادة المتحققة منها (منفعة النقود) تختلف بحسب استخدامنا للمال، وهذه الحقيقة يدركها الأغنياء تمامًا.
وهنا يمكن أن نصل لقناعة أن كمية المال الذي نمتلكه ليست مهمة بمقدار أهمية طريقة استخدامنا للمال، هل طريقة تقسيمك وإنفاقك لمرتبك تحقق لك أكبر استفادة ممكنة منه؟ هل الطريقة التي تدخر بها المال تحقق لك أفضل أرباح ممكنة؟ في المرة القادمة قبل إنفاق أو ادخار أي مبلغ اسأل نفسك كيف يمكنني تحقيق أكبر استفادة منه؟ وتذكر أن طريقة تعاملنا مع النقود هي ما تحدد المستوى المالي لنا على المدى الطويل.
أولويات الإنفاق:
بعد أن اتفقنا أن منفعة (الإستفادة) الريال الواحد تختلف بحسب الشيء التي ننفقه عليه، لا بد الآن أن نناقش أولويات الإنفاق، فبناءً عليها نحدد مقدار المنفعة التي نحققها من المال، أولويات الإنفاق هي بوصلتنا للإنفاق الصحيح.
هناك ثلاث مراتب أساسية للإنفاق وهي الضروري والحاجي والتحسيني:
-
الإنفاق الضروري: هو الإنفاق الذي لا يمكننا الاستغناء عنه أو التقليل منه لارتباطه بأساسيات الحياة، بل أنه في حالات الدخل المنخفض نقترض لتغطيته. مثل الإنفاق على المتطلبات الأساسية للمنزل والأهل، كأساسيات الطعام والدواء والإيجار أو قسط المنزل.
-
الإنفاق الحاجي: هو الإنفاق الذي بدونه لا تنعدم حياتنا، لكن تكون الحياة شاقة وغير مريحة مع إمكانية الاستمرار بها. مثل وجود وسيلة اتصال مع الآخرين، ووجود وسيلة للتنقل، وجود أكثر من ثوب للمناسبات.
-
الإنفاق التحسيني أو الكمالي: هو الإنفاق الذي لا يؤثر عدم وجوده على الحياة، لكن وجوده يحسن من جودة الحياة، ويشعرنا بالبهجة، مثل شراء أحدث إصدار لجوالك المفضل، أو السفر بهدف الترفيه، أو الطعام خارج المنزل، أو حتى شراء ملابس دون وجود حاجة لذلك.
لكن كيف يمكننا الاستفادة من هذا التقسيم؟، يمكننا القيام بتمرين بسيط، احضر ورقة واكتب عليها كل عملية إنفاق قمت بها اليوم، بعد ذلك فكر في كل عملية وصنفها بواحدة من التالي:
-
يمكن الاستغناء عنه دون أن يتأثر يومي، وهذا يسمى التحسيني.
-
لا يمكن الاستغناء عنه لدرجة أنني اقترض لشراءه، لذلك نسميه الضروي.
-
لا يمكن الاستغناء عنه لكن قد لا اقترض لشراءه، وهذا ما نطلق عليه الحاجي.
بعد هذا التصنيف يمكنك حساب مجمل ما أنفقته على كل بند منهم، أكبر استفادة تحققت كانت من النقود المنفقة على الضروري، ثم الحاجي، وأقل منفعة تحققت من النقود كانت ما أنفقته على التحسيني، ولاحظ أن البند التحسيني كان يمكنك الاستغناء عنه بالكلية والاستفادة منه في إنفاق ضروري أو حاجي. ما تم تطبيقه في التمرين السابق يمكن تطبيقه على نفقات أسبوع أو شهر كي تعرف مقدار ما تفوته من منافع النقود.
تختلف أولويات الإنفاق بحسب الوضع الإجتماعي والمكان التي تعيش فيه، وتختلف عبر الزمن كذلك، فما يكون تحسيني في وقت ما قد يصبح حاجي بعد عدد من السنوات، لكن لا يقبل بأي حال أن ننفق على التحسيني ولديّنا نقص في الحاجي أو الضروري!، كما لا يقبل الاقتراض للإنفاق على التحسيني! تخيل عزيزي القارئ أنّ الاقتراض بهدف السياحة في عام 2019 بلغ 455 مليون ريال سعودي، وفي 2021 ازداد ليصل 646 مليون ريال سعودي.
بشكل عام يجب أن يكون ما ننفقه أقل من مما نجنيه من الدخل، وهذه تعتبر القاعدة الأساسية في الثراء، تُبنى خطة الإنفاق الشخصي من هذه العناصر الثلاث، ويقسم الدخل الشهري 50% منه مخصص للإنفاق الضروري والحاجي، و30 % للإنفاق التحسيني، و20% للادخار.
في الختام عزيزي القارئ نوصيك بأن تقوم بتقييم طريقة إنفاقك باستخدام التمرين السابق، وتذكر أن طريقة تفكيرك وتعاملك مع المال ستنعكس بشكل مباشر على وضعك المالي من غنى أو دون ذلك!